فجر الوردة شعر خديجة التومي

فجر الوردة شعر خديجة التومي


 لمن تشدو البلابل إذن؟

ونجوم الياسمين تحدّق بي
في هذا المساء الغائم في الشفق
أليس الصّمت ثقيلا حتى الجنون؟
والرّكن يُباهي الرّكن جمودا
من أسدل ستائر الغياب ؟
يقتاتني الشوق
يغتالني الحنين
وهذا الكابوس بيتي
فتطير بي القدمان
وأمشي ثمّ أمشي ، أنازل الصمت
أقتله بالهروب ...
والضجيج من حولي صاخب
والذوات ناشزة ، مستنفرة ، ضاحكة لعوب.
وأنا يا أناي متى تُلقي عصاي ؟
تتلقّف رأس تمرّدي
وهذا السّائد
وهذا الواقع
أنا المجدولة على حبل من العصيان
هل أهادن ؟
كلّ البلابل غادرتني
وذاك القلب الجميل هو الباقي
والمساء الغائم في الشفق
لا يغريني
فالفجر فجري
يجيؤني باكرا
يشدّني إليه برفق
يدنيني بعذب الكلمات
ويرخي لحن الفرح ثمّ يمضي
ويظلّ زماني بلا ميقات
وتهجر لبّي الدقّات
أنتظر فجرا آخر يحييني
ينقلني إلى صهوة الشمس
ولا يؤذيني.
يزرعني أملا ، حبّا وأفقا ليس يستكين
كي تضيع من ذاكرتي السنون..
وفي الفجر أولد
نقيّة ، بهيّة ، مثل وردة ضمّخها النّدى
فتهيم الرّوح جذلى
وأردّد الفجر فجري
والأشواق أشواقي
فلا المساء الغائم في الشفق يعنيني
ولا سطور المقدّر كائنة
أنا حبيبة فجري
أريده كما أشتهيه
ويبعثني كما يراني .

-------------------------------
خديجة التومي كاتبة و شاعرة من تونس.

أيّ الفرسان تشتاقين ؟: شعر خديجة التومي

أيّ الفرسان تشتاقين ؟  
 شعر خديجة التومي


أيّ الفرسان تشتاقين ؟:  شعر خديجة التومي

كانت لهفتنا لا تَحتَمل
صوري وحكاياتك
ونبش لا ينتظر
لم تصدأ معاولنا
كان الطفل في عينيك
وكنتُ أنشودة في صور
والقدر يُطرّزنا ترنيمة فجريّة
قصيدة تُطاول الأزل
يَغفو اللّيل على الحكايا
فأكتبك سطرا ، قصّة جرح هل التأم؟
يُدنيني منك ذاك الألم
وحبر الرّوح يضمّده
يعصرني حتى التلاشي
والصور بيننا تُخاتل الزّمن
تنتظر الحكاية متى تكتمل ؟
أضحت لهفتنا لا تُحتمل
فهل من سيرة يغيب فيها البطل ؟
وكيف يجفّ عنّا القلم ؟
كتبتك نمنمة فارسيّة حين كان المطر
ورسمتني صورة من قِدم
فهل يخدع اللّهفة غدر القدر ؟
أطلق عنانك
فهذا الدفتر بيننا مثل القَسم
وهذا الخيال ممتدّ كالأفق
وهذي الكلمات دافقة تنفجر
كبركان أو كشلاّل من عِبر
وقصّتنا الطريدة تبحث عن مستقرّ
منّي الكلمات كالدّرر
ومنك الحَفْرُ
حتى الغائر يندمل
واللّهفة بيننا إكسير لا يَحتمل
وعدٌ منجز لا مفرّ
وبهجة أخرى ، هِبة لا تنتظر
ذرني ألاعب الصبا على أرجوحة العمر
في عطر السرو شددت الحبال
ومن عبق النعناع كان السؤال
أيّ الفرسان تشتاقين ؟
قلت والرّيح المجنونة ترسلني
كحلم فجريّ جميل
ليس غير فارس الكلمات
أو هو الأسطورة المنحوتة
من ألم وأنّات
والطفل في عينيه لا يبرحني
وحكيُه يهدهدني
يسابق أرجوحتي
فأنام على راحتيه
أمنية ليل بلا فجر
ففي الظلام تغتسل الكلمات .

--------------------------------------
خديجة التومي كاتبة و شاعرة من تونس.

ما عاد الحلم يغريني: شعر خديجة التومي


ما عاد الحلم يغريني: شعر خديجة التومي


هبّت النّسائم ذاوية
خجولة تعتذر
تحنو على الأغصان
والحُبَّ تلتمس
تحزن للوريقات الذابلات
والياسمين مشتعلٌ
عانقتني وشدَت
"في الغد موعدنا ..
ومطر الخصب ينتظر
فسياط الشمس تُحتضر
وإن عتت فالبقاء للمعتدل"
قلت وماذا عن عتوّ البشر
والمظالم والمحارق لا تنطفي؟
استقوت واهتزّت ترتعب
تُدافع عين الشمس
وكلّ شرّ منتهك
" إنّ المستبدّ حادث سير منعزل
ولولا اعتدال في الكون احترق
فالأرض تُحيي العروق
وإن اشتعل الورق
كذا نضرب المثل للبشر
وأنّ الظلم مركب ربّانه الغرق
وأنّ القهر قوس آن أن ينغلق
ومقابر التاريخ تبتلع
فلا بقاء لآثم ومنفلت
في درك من خزي ولعنات الأبد "
ثُبت والرّيح تهدهدني
أفتح الشبايبك والأشعة الحمراء تردُّني
صرخت أين الرّيح قد كانت لي ؟
وأين الحلم الجميل نوّمني ؟
وإذا صرير مثل السجن يُسمعني
أنّات الزنازين في وطني
وخوف المساكين في وطني
وجوع الشحاذين في وطني
وضباب المحارق في وطني
وأنّ الريح أرجوحة ملعونة ترقب البحر
وتكتفي
مومياء قّدّت على عجل
فشاه الصّانع والمصطنع
غلّقت نوافذي...
وكبّلت حروفي المتمرّدة
ناجيتك أنت البعيد
كيف أهرب منك إليك ؟
وكيف أدني حُلمين تقاطعا
فهل من قلب يحتمل ؟
نصفه النّابض بك
والنّصف التائّه لك وطني

----------------------------
خديجة التومي كاتبة و شاعرة من تونس.

أغنية لذاك المساء: شعر خديجة التومي

أغنية لذاك المساء: شعر خديجة التومي



تكبّرتْ وتجبّرتْ
ونارها بين الأضلع تستعرْ
يذوب لهيب الشمس في الرّيح
وزخّات المطر ..
فلا أحد، لا شيء ينازل القدر ...
سوى ذكرى الخديعة والألم
تظلّ تسري بين روح ودم
فتيّة ، ناهضة ، عصيّة الدمع
تُجاوز المدى وهذا الكلِم
تشرط فجرا جرحا آخر
والجراح مفتّحة العينين لا تندمل
نواطير ترقبني ، تغذّي جمر السّهر
وتسيح بي نحو فواصل الزّمن
تنقلني على جناحي فَراش
والحدائق تُغدق النوّار وشوك الألم
وحكايا الصّبا وأحزان القِدم
وهذا الرّوتين يقتلني ، يُحرقني
فمتى أشعله أو أشتعل ؟
وفي تلك الليلة الشتويّة
أسعفني المطر ...
ورميتك عنّي أيّها الضجر
ليل الغاب بارد بهيّ صامت بلا قمر
وشال الصّوف مدلّى يُعانقني
وكنت أهيم بك خيالا زائرا
ونفحات من شعر وأدب
وحكايا الطفولة ماثلة مثل أسطورة
أو هي أمثولة وعبر
كيف حللت بي وهذا الضباب يحيطني؟
والنّواطير مشرعة العيون
وأحكام الرّجم مدلاّة أمام ناظري ؟
قلت لي : التحفي الشال ولا تبالي
لا شيء ينازل القدر
سوى روحين تناديا من قدم
وهذا الليل لنا وإن غاب القمر
فبركة السّماء في رشقات المطر
فاطلقي العنان للأمنيات والقلم
واخترقي الجليد وحطّمي القمم
لك فرحي وعشقي
وارسمي لو شئت أحزاني
فأنا مثلك شقيّ
وبين أضلعي نار الأبد
تلهبني وألقي عليها من مائي فتنطفي
ما من سامور يظلّ أبدا يشتعل
كوني حبيبتي فاللّهيب باللّهيب ينفطر
هذه الفيزياء وقانون التنادي ليس يفنيه العدم
وليس يكذب أو يندحر
فالأحزان لو شئنا يعلوها الفرح
وكم من العمر نحيا ؟
وكم بقي حتى نشقى ؟
فهذا الليل لنا وإن غاب عنه القمر
وفجرنا سيأتي فلننتظر
وإن تأخّر عن حكايتنا السّفر .

-------------------------------
خديجة التومي كاتبة و شاعرة من تونس.

قصيدة "غــدر" منــية عمّار

قصيدة "غــدر" منــية عمّار 




جئتكم بالورد والسّحر الحلالْ
لم أكن اذ جئتكم أنوي القتالْ
جئت والحبّ معي في أضلعي
والأماني طعمها عذب زلالْ
رايتي بيضاء لم أضمر أذًى
فأنا العزلاء لا أبغي النّزال
كان ظنّي أنّني محظوظة
برفاق عن يميني والشّمال
فإذا بالحظّ ينأى في المدى
وإذا بالقبح يغتال الجمال
سقط الوردُ وأدمى مهجتي
سهمُكم حتّى فقدت الإعتدال
أنا أهوي من علوّ خلته
واقعا لكنّه محض خيال
ربّما متّ ولكنّي أرى
أنّني فارقت أشباه الرّجال
عشت أعطي من دمي قبل يدي
ووريدي كان حبلا للوصال
وفؤادي كان بستانا به
جدولٌ يجري ووردٌ وظلال
وأغان عانقت حلمي كما
عانق الطير الرّوابي والجبال
وأمان عذبة معسولة
هي زادي كلّما عزّ المنال
خبت ظنا في رفاق جئتهم
بزهوري فأتوني بالنّصال
ظلمهم نار تلظّت في الحشا
غدرهم فوق حدود الإحتمال

 منية عمار

نافذة السراب: لطيفة بهيج

نافذة السراب: لطيفة بهيج



قبالة النافذة
أتبادل النظرات مع الفراغ
ذاكرتي محض سراب
لا تلوي على شيء
مخيلتي منطلقة كمهر يسابق الريح
أتعثر بأفكار كبيرة
و لا أسقط
على الهوامش
أشجار تسابقني
لا أعدّها
أبني بها غابة
و بيتاً خشبياً
بين صفصافتين
ينهمر ماء المخيلة رقراقا
أجلب نهرا تحت النافذة
حياتي
أيتها الفكرة المعلقة بين هاويتين
لا تسقطي بهوة الجاذبية
كما يسقط الشعراء
في شرك اللغة

 لطيفة بهيج شاعرة من المغرب

علَى رفّ مكْتبتي: شعر إيمان جمعة

علَى رفّ مكْتبتي

على رف مكتبتى


على رف مكتبتى العتيقة امسح غبارها....
انظم كتبى بكل الحنين
من بينها كتب منسية على الرف العلوى...
لم اقراها فترة من السنين
لمستها كما تلمس الام وليدها الغافى....
ومن عينى فرت الدمعتين .
تذكرت متى اشتريتها....
من رجل بشوش الوجه على الرصيف
شدنى ندرة ما يعرض....
بترتيب عاشق بجلبابه الازرق النظيف
كم مضى من الوقت حين اشتريتها.....
قصص الحب العفيف
ووقعت عينى بجوار كتبى الكثيرة......
ألبوم الصور القديم
جذبته وضممته برفق إلى صدرى...
بلهفة حبى العظيم
اقلب صفحاته اللامعة أطالع صورى ...
بقلبى المرتجف المليم
واذ ابتسامة على وجهى ثم تنهيدة ..
هذا إبى يضمنى ...
وقبلة على الجبين
وجلسة عائلية على شاطىء البحر..
وقلعة رملية بين القدمين
وهذه صورة رحلة مدرسية....
وبراءة الاطفال ضاحكة العينين
طويت الالبوم واعدته مكانه....
ونظرت إلى وجهى النحيف
واخبرتنى مرآتى لقد كان عمرك سعيدا ...
وتجاعيد على جبينى بالخط الطفيف
لقد مضى من العمر كثيرا
وذبلت زهور الربيع وحل الخريف
وانهيت ترتيب كتبى مبتسمة....
وجلست اتنسم هواء نافذتى اللطيف.

بقلم الشاعرة: إيمان جمعة

خبيئة للقلب: شعر خديجة التومي

خبيئة للقلب: شعر خديجة التومي




خبيئتي
عند البحر أُلقيها
وأسرار اللّيالي الفجريّة
يوم قلت لي لماذا تأخّر موعدنا
وهذا الكأس مترع بالحلم بيننا ؟
والحرف قيد يأسرنا
أجلس عند الموج يهدهدني
يردّ الخبيئة
مبلّلة ، بها غواية الأعماق
وسرّ الأبد
أضمّ الوعد فيها ، وسيرة عمرك
أنتظر مرارة البدايات الحزينة
وعيناك اليتيمتان جافتان
ماذا لو تبلّلتا بهذا الرذاذ من حولي ؟
ماذا لو كانتا مثل القناديل المضيئة ؟
كنت قرأتهما دون هذا العناء
وجلوت الطلاسم الساكنة فيهما
أكان ذاك العمر عمرك ؟
أرهقني السؤال
وحيّرتني التفاصيل
والمنحنيات تروم الهاوية
فترفعها يد القدر نحو الأفق
وتصير حكايتك خبيئتي
أحملها بين الشغاف والشغاف
ويصير عمرك عمري
منحوتة
معزوفة
قصيدة متمرّدة ، متفرّدة لا تكتمل
قلت لك والبحر غائم متهدّج الأمواج
: كم العمر الآن؟
وهل يُغفلنا الزمان؟
تعال نخندق بعيدا عن ممرّ الحياة
ونكسر السير والسيرورة وكلّ ما فات وآت.
ونرسم على الطرق خبيئتنا ، نذرو عطرها في الفلوات، نشيع بها الحبّ
في كلّ الردهات .
غير أنّك حدّقت بي ..
وضممت قلبي يومها خوف أحلام
لم تلدها الحياة .


خديجة التومي كاتبة و شاعرة من تونس.