بطاقات الشاعرة : أنمار العبد الله
البطاقة الأولى
أَتَظُنُّ
أَنِّي لا أُتْقِنُ زَرْعَ الكَلِمَاتِ
كَأَلْغَامٍ صَغِيرَةٍ
تَحْتَ جِلْدِ الحِكَايَةِ؟
وَأَنِّي لا أَعْرِفُ
كَيْفَ أَجْعَلُ الحُرُوفَ
تَهْوِي كَالمَطَارِقِ؟
أَسْتَطِيعُ،
أَنْ أُهَشِّمَ زُجَاجَ المَوَدَّةِ
بِكَفٍّ بَارِدَة،
وَأَنْ أُسْقِطَ
آخِرَ مَا تَبَقَّى مِنْ دِفْءٍ،
كَمَنْ يُنْفِضُ الرَّمَادَ
عَنْ أَصَابِعٍ مَحْرُوقَةٍ…
وَلَكِنِّي،
اخْتَرْتُ — بِكُلِّ وَعْيٍ —
أَن أُسَامِحُ.
اخْتَرْتُ أَنْ أَخْرُجَ
مِنْ سَاحَةِ الحَرْبِ،
بِوَجْهٍ
لا يُشْبِهُ
قَاتِلِي.
البطاقة الثانية
لا تعبثْ بالقصيدة،
إن لم تكنْ
شاعرًا يتوضأُ بالدهشة،
يخلعُ ضجيجَه قبل الدخول،
ويتركُ على العتبةِ:
أنانيته،
أحكامه،
وسيفَ تأويله.
فاخلعْ نعليك،
واخشعْ،
واقرأْ…
كما لو أن القصيدةَ
سماءٌ
لن تُفتحَ
إلاّ لمن
دخلها
عاريًا من الجهل،
ممتلئًا بالحب.
البطاقة الثالثة
المضحك المبكي…
أن تُجلَد، ثم تُدان.
أن تُكسر، ثم تُتّهم.
أن تُسحب من نورك،
وتُعاب على العتمة.
ذقتَ الخيبة.
طعنتَ بالخذلان.
نزفتَ من جرحٍ لا مرئيّ.
ثم يأتي من شرخك…
ليغمس أصبعه في دمك،
ويقول: “أنت السبب.”
ينزع عنك عباءة الألم،
يلبسها،
ثم يمثّل وجعه عليك.
يقلب الطاولة.
يفرش الكذب على الأرض،
ويجلس فوقه… ضحية.
وتقف أنت،
على رصيف الحكاية،
ملامحك ملطخة بالدهشة،
وصوتك مختنق بالحقيقة.
نعم، كلنا شياطين في ذاكرة أحدهم،
لكن،
أليس من العدالة أن نحمل قليلًا من المرآة في داخلنا؟
أن نعترف، بيننا وبين أرواحنا،
أننا كنّا السكين في يد الوجع؟
أننا كنّا خطأً في حياة أحدهم،
حتى لو لم نقصد الذبح؟
الضمير ليس قاضٍ دائم.
أحيانًا،
يأخذ إجازة طويلة…
ويترك القلب للخراب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق