اللابوبو يفكّر.. إذن نحن ضائعون
وأنا أُحدق في كائن الـ"لابوبو" الشنيع، وجدت أن مفاهيم الجمال بدأت تتساقط من كل حدب وصوب في أرجاء روحي، وكأنّنا –جميعًا– نعيش حالة (إيكوبراكسيا) جماعية دون أن نعي.
لم أسكت عن شكوكي تلك، وهممت بفتح تحقيق بيني وبين جذوري.. عدت بدفء كثير – وسألت نفسي: هل ملاحقة "الترند" أمر فطري متجذّر فينا منذ الأزل، أم أنه حاجة أخرى، أعمق بكثير مما نُخفي؟
لم أجد حقيقة أوضح من أن "كل ما هو معروف بتطرف" إذ لم يسبق أن تواجد جمع بشري غفير، إلا وكانت النوائب حاضرة؛ بدءًا من أيام الغزوات، والحروب، والأوبئة، إلخ.
لم ينتج عن تجمعهم –المنقاد– سوى الخراب. واليوم، نعيش نسخة ناعمة من الطاعون: يُدعى "الترند". وكائن "اللابوبو" شرّ دليل على هذه الحقيقة: دميةٌ صارت رمزًا لفوضى القيم؛ تدخل بيت الزوجين فتُسرّع الطلاق، وتُلقى في أحضان الأبوين فتُثقل كاهلهما باسم "الموضة"، وتنتشر بين الشباب لا كوسيلة تسلية، بل كأداة لتفاخر ساذج.
إنها موجة جنون على أمر جنوني، تدل بلا شك على ضياع الهوية. فاليوم، نحن لا نسعى لشراء ما يحتضن سعاداتنا، بل نخلق من حاجات بالية احتياجات أولية.
أأمر مادي؟ أم نفسي؟ أم اجتماعي؟
في الحقيقة: كلّها معًا.
فالتطلّع إلى شراء شيء صغير بمبلغ كبير هو أمر مادي بامتياز؛ علاقة طردية بين حب الوصول وكثافة البذل.
لكن سببه اجتماعي، إذ يسعى صاحبه نحو الانتماء، في زمن –إلا من رحم ربي– نحيا فيه في تيه جماعي، بلا بوصلة ترشدنا إلى انتماء قويم.
غير أن الجذور، في عمقها، نفسية.
نعم، وإن أبينا الاعتراف، فـ"تأثير القطيع" لا ينبع إلا من فراغ داخلي، من وحدة لا يملؤها انتماء حقيقي، ومن نقص يدق طبول السخط وعدم الرضا بين حيّن وآخر.
فلا "الترند"، وقطعًا لا "اللابوبو"، هو من يُحرك الجموع لتتحشد أمام متاجر مادية لم يذق مرتادوها طعم التصالح مع الذات.
فلنُسقط التهم عن كائن "اللابوبو"،
ولنبدأ – جديّا – في تقييم حاجاتنا واحتياجاتنا، ولتكن وقفة صادقة نسأل فيها أنفسنا: هل جذورنا راسخةٌ في الأرض،
أم أنّها تتمايل لاهية، مع كلّ هبّة ريح ... حتى وإن لم تكن عاتية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق