الدموع تسقط في ويمبلدون: أنس جابر تنسحب مبكرًا وسط درجات حرارة قياسية وتحديات صحية متكررة


في مشهد لم يعتده عشاق الكرة الصفراء، خرجت النجمة التونسية أنس جابر من بطولة ويمبلدون 2024 بطريقة مفاجئة ومؤلمة، بعد انسحابها من الدور الأول أمام البلغارية فيكتوريا توموفا، لتُغادر البطولة التي تألقت فيها سابقًا، تاركة خلفها تساؤلات حول مستقبلها الرياضي وصحتها الجسدية والنفسية.

النجمة التونسية أنس جابر

 
انسحاب غير متوقع في عاصمة التنس العشبية

لم تستمر المواجهة بين جابر وتوموفا أكثر من ساعة و25 دقيقة، لكن الدقائق التي سبقت انسحاب أنس كانت مليئة بالإشارات المقلقة. فقد خسرت النجمة التونسية المجموعة الأولى بصعوبة عبر شوط فاصل، ثم تأخرت في المجموعة الثانية بنتيجة 2-0، قبل أن تطلب تدخلًا طبيًا وتقرر بعدها عدم استكمال اللقاء. هذا القرار لم يأتِ اعتباطًا، إذ بدت أنس متأثرة بشدة، وقد انهارت باكية خلال الاستراحة الطبية، في مشهد أثار تعاطف الجماهير وزاد من القلق حول حالتها.

الحرارة، التنفس، والانهيار

أقيمت المباراة على الملعب رقم 14 في ظروف مناخية شديدة القسوة، حيث وصلت درجات الحرارة إلى ما يقارب 34 درجة مئوية، وهو أمر نادر في لندن، ويُعد من أعلى درجات الحرارة المسجلة في تاريخ البطولة. هذا الجو الخانق كان له أثر مباشر على أداء اللاعبة، التي بدت غير مرتاحة منذ البداية، واحتاجت إلى استراحة طويلة للعلاج خلال المجموعة الأولى.

النجمة التونسية أنس جابر


هذه ليست المرة الأولى التي تُعاني فيها أنس جابر من مشاكل صحية أثناء البطولات الكبرى؛ فقد اشتكت من صعوبات في التنفس خلال بطولة أستراليا المفتوحة بداية هذا العام، مما أثار الشكوك حول ما إذا كانت تعاني من أزمة صحية مزمنة أو متكررة قد تؤثر على مشوارها الرياضي في المرحلة القادمة.

من وصيفة النهائي إلى خارج الـ50

أنس جابر، التي كانت مصنفة ثانية عالميًا في أوج تألقها، سطّرت اسمها بين عظماء اللعبة بوصولها إلى نهائي بطولة ويمبلدون في عامي 2022 و2023، حيث خسرت النهائي في المرتين بصعوبة بالغة، لكنها نالت احترام العالم بفضل أسلوب لعبها الفريد وشخصيتها المحبوبة داخل وخارج الملعب.

لكن في عام 2024، واجهت أنس تراجعًا لافتًا، حيث خرجت من قائمة أفضل 50 لاعبة في العالم، وعانت من تذبذب في النتائج والإصابات المتكررة، إلى جانب ظروف نفسية صعبة أثّرت على تركيزها وأدائها.

"ليس لديهم بنات".. موقف قوي في رولان غاروس

بعيدًا عن الملاعب، عُرفت أنس جابر بمواقفها الجريئة، فقد أثارت الجدل مؤخرًا بتصريحاتها خلال بطولة رولان غاروس الفرنسية، عندما انتقدت مسؤولي البطولة قائلة: "ليس لديهم بنات"، في إشارة إلى التمييز الحاصل في إدارة المباريات والتغطية الإعلامية لصالح لاعبي التنس الرجال على حساب السيدات. هذا الموقف لاقى تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعاد تسليط الضوء على قضايا المساواة في الرياضة العالمية.

ماذا بعد الانسحاب؟

انسحاب أنس جابر من بطولة ويمبلدون بهذا الشكل، رغم أنه محبط، إلا أنه يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التقييم الذاتي والتعافي. هل سنشهد انسحابًا طويل الأمد؟ أم عودة قوية بعد الراحة؟ كل الاحتمالات واردة، لكن المؤكد أن جمهور أنس الكبير في العالم العربي وفي إفريقيا والعالم بأسره، لا يزال يُؤمن بقدرتها على النهوض من جديد.

النجمة التونسية أنس جابر

أنس جابر: أكثر من مجرد لاعبة

منذ بدايتها في عالم التنس، لم تكن أنس جابر مجرد لاعبة تصعد المنصات، بل أصبحت رمزًا عربيًا وإفريقيًا نادرًا في رياضة لطالما احتكرها الغرب. بلقب "وزيرة السعادة" في تونس، استطاعت أن تلهم جيلاً كاملاً من الفتيات بأن أحلامهن ممكنة، مهما كانت الظروف أو الصعوبات.

أنس لم تفز ببطولة كبرى بعد، لكن روحها القتالية وابتسامتها رغم الألم كانتا دومًا جزءًا من قصتها. وحتى في انسحابها، اختارت أن تحافظ على كرامتها وصحتها بدلاً من المخاطرة بالإصابة.


انسحاب أنس جابر من بطولة ويمبلدون لا يعني نهاية الحلم، بل ربما يكون بداية لفصل جديد أكثر وعيًا وهدوءًا. وبين الدموع والتحديات الصحية، تبقى أنس جابر واحدة من أكثر لاعبات التنس إلهامًا في العالم، وستبقى تحت الأضواء، لا فقط بما تقدمه على أرض الملعب، بل بما تمثله من أمل وإصرار في وجه الظروف.

التالي
هذه أحدث تدوينة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق