قارورة ماء لاختبار الحب

قارورة ماء لاختبار الحب




نص اسمهان الماجري شاعرة وساردة وناقدة تونسية

بعد أن شرب من قارورة الماء وناولها إياها كي تشرب هي الأخرى، في حالة من اللاوعي مسحت فوهة القارورة ثم شربت، صدمه فعلها وعلق عليه. هو لا يصدق أن الأنثى التي كانت تحتسي عرقه من على جسده في صباحات الصيف الحارة وهما بصدد ممارسة الحب لا تريد أن تقع شفتيها على نفس موقع شفتيه.
هي الأخرى راعها فعلها اللا إرادي ما السبب هذا ما جعلت تسأل به نفسها في تلك اللحظة، ربما لأنها من شهور قليلة وهي واقعة في حب رجل آخر وهي من النساء اللواتي لا ترى رائحة الأباط رائحة زهر ولا ترى الشفاه ثمرة لذيذة إلا في سياق الحب.
وهو يعانقها فيما بعد تخيلته كامل الليلة ذلك الرجل الآخر، لا بل لم تتخيله شيئا فقط كانت تفكر في ذلك الرجل الآخر بقوة كانت تسيطر على ذهنها وقلبها ووجودها.
وهي تتساءل كيف يمكن لطعم الشفاه لنفس الرجل أن يتغير حسب منسوب حبه في قلبها. هل يمكن أن تصبح شجرة التفاح تثمر علقما أو ثمرة بلا نكهة وهي نفس الشجرة ؟ بعد ليلة طويلة من العناقات استيقظت وهي خاوية كجذع نخلة لا قصائد يشد حزامها المخاص علها تنجب أحد الأنبياء أو شعورا صغيرا بشغف يشبه قصص الآلهة التي تحارب لأجل الحب منذ الأزل.
في لقاءات متتالية عادت شجرة التفاح تثمر تفاحا وغاب الرجل الآخر عن ذاكرة مبتورة لا صور كثيرة تختزل هذا الثاني، للجسد ذاكرته التّي ترتفع بالحب درجات في سلم الشغف والجنون والتفكير وتعيد لإحياء جمر الشغف من تحت الرماد.
يمكن للرجل الأن أن يعرف إن كانت تلك المرأة تحبه أو لا من خلال تجربة صغيرة كتسليمها قارورة ماء بعد أن يشرب منها ويمكن للقراء أن يصدقوا قصة قصيرة أو يكذبوا سيرة عميقة والساردة تضع خدها على خد البطلة ويضحكان معا من قارورة ماء صغيرة تصلح تجربة نفسية في دراسة من دراسات فرويد النفسية لو كان لا يزال حيا، أو أن يجنوا وهم يتخيلون امرأة تتشقق إلى نصفين، أو وهم يتخيلون امرأتين تتداخلان في امرأة واحدة ونضحك وأضحك أو ربما وأضحك ونضحك على ذقون القراء.
التالي
هذه أحدث تدوينة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق